المتعارف عليه أن الزوجات يشتكين عموما من هروب أزواجهن من البيت، وتفضيلهم السهر مع الأصدقاء، أو العمل لأوقات طويلة، على تحمل مسؤوليات الأسرة، وقضاء بعض الوقت مع الزوجة، ولا تخرج مناسبات عطلة نهاية الأسبوع عن الأمر، حيث تشتكي البعض منهن من خروج الزوج مبكرا، متحججا بأمر أو بآخر.
ولا شك أن غياب الزوج عن البيت يتسبب في مشاكل كبيرة، لأن المرأة تشعر أنه يهملها هي وأطفالها، ولا يحرص على مشاعرها أو احتياجات فلذات كبده العاطفية، وملقيا كل المسؤولية عليها وحدها. وهكذا تبدأ سلسلة التذمر واحتجاجات على الأمر.
لكن ماذا لو حصل العكس، وفضل الزوج قضاء أكبر مدة ممكنة في البيت؟ هل تُحَل المشكلة؟.
الجواب جاء على لسان العديد من النساء، يشكلن الغالبية، بالنفي، ليكون رد فعل الرجل أنه من المستحيل إرضاء المرأة، «جلوس» الرجل في البيت مشكلة جدية تعاني منها الكثير من النساء، وتعتبر أمينة واحدة منهن.
أمينة سيدة عمرها أربعون عاما، متزوجة منذ أربع سنوات، ولم ترزق بأطفال، ارتبطت بعزيز ابن الجيران، الذي كانت تعتقد أنها ستبدأ معه حياة جديدة، تعوضها عن الحياة الروتينية التي كانت تعيشها في بيت أهلها، خصوصا أنها لم تحصل على عمل يوفر لها دخلا ماديا، وكانت تحلم بأنها ستقضي أوقاتا ممتعة مع زوجها، تسافر برفقته إلى كل المدن السياحية التي لم تزرها من قبل، وتدخل كل المطاعم المشهورة في المدينة، لكنها فوجئت، وفي الأيام الأولى من الزواج، أنه «بيتوتي» إلى أقصى حد.
في البداية، فسرت أمينة سلوكه بأنه ربما يعود إلى عدم تمتعه بصداقات، ومنت نفسها بأن تقوم هي بهذا الدور، وتدعوه إلى الخروج معها من حين إلى آخر، غير أنه رفض الفكرة، بحجة أنه يأتي متعبا من العمل، وتكرر الرفض في كل مرة، ليشمل حتى فترة الإجازات، التي يقضيها مستغرقا في النوم طوال النهار.
أما سعيدة، فشكواها من زوجها «البيتوتي» لا تتعلق بحرمانها من الخروج من البيت أو السفر، بل لأن وجوده في البيت، في حد ذاته، يضايقها إلى حد «الشعور بالاختناق»، على حد تعبيرها. تقول «أشعر أنه يكتم على أنفاسي، ويراقب كل حركاتي وتصرفاتي.
ليس هذا فحسب، بل لا يكف عن إبداء الملاحظات عن كل كبيرة وصغيرة بمجرد دخوله إلى البيت، بدءا من انتقادات عن نظافة المطبخ والحمام، إلى تصرفات الأطفال.
وللتخلص من زوجها وإخراجه «بالقوة» من البيت، كانت سعيدة تلجأ إلى أحد إخوانها، وترجوه أن يطلب من زوجها مرافقته إلى المقهى، أو إلى أحد المتاجر لمساعدته في اختيار بعض الملابس، أو أي حجة «المهم أن يختفي من أمامي لبعض الوقت».
حسن يعرف مشاعر زوجته وضيقها من مكوثه المستمر والطويل في البيت، إلا أنه يرى الأمور من وجهة نظر أخرى.. فهو يقول إنه يتركها وشأنها، ولا يتدخل بتاتا في أمور البيت، لأنه مقتنع بأن الأدوار مقسمة بين الرجال والنساء سلفا، على حد تعبيره، وبالتالي لا يفهم سبب المشكلة حتى الآن.
ويشرح حسن أن «هروب» معظم الرجال من البيت سببه الزوجة، لأن لديها ميولا للسيطرة، وتعتقد أن البيت فضاء خاص بها، بينما الزوج مجرد ضيف تستقبله متى تشاء، وبالتالي تواجهه بلائحة طويلة من الممنوعات: «لا تمد رجلك على كنبة الصالون، حتى لا تتسخ.. لا تمشِ على البلاط قبل أن يجف.. لا تستعمل المنشفة الفلانية، ولا تلبس هذا النعل.. وغيرها من الأوامر». ويختم كلامه قائلا «فعلا، يصعب إرضاء المرأة، لأنها تركز على عيوب الزوج، وتنسى عيوبها».
أما أحمد ناصر، فقدم تفسيرا معقولا، أو واقعيا، لهذه المشكلة.. فهو يرى أن البيت هو المكان الوحيد الذي تشعر فيه المرأة بالألفة والارتياح، فهو فضاء خاص وعام في نفس الوقت، وغالبية النساء يستقبلن صديقاتهن أو قريباتهن في البيت، بينما الرجال لديهم البديل المتمثل في المقاهي التي يرتادونها لأكثر من مرة في اليوم، وفي أي ساعة شاءوا، وهذا غير متاح للمرأة إلا بشكل محدود جدا.
لهذا السبب تبدي المرأة بعض الضيق، إذا ما أطال الزوج المكوث في البيت. ويضيف ناصر أنه يتفهم هذا الإحساس، ويتعامل معه بتفهم، فمثلا، بمجرد أن تستضيف زوجته إحدى صديقاتها، يغادر المنزل على الفور، من دون أن تحتاج إلى تلميح.
من جهتها، تشير خديجة اميتي، الأخصائية الاجتماعية، إلى حالات أخرى يتسبب فيها مكوث الزوج في البيت إلى مشاكل ومضايقات للزوجة، من بينها تقاعده. ففي هذه الحالة يتغير كليا نمط الحياة الذي كانت تعيشه، لأنها تجد نفسها مجبرة على التعود على ما وصفته بـ «الحضور المكثف للزوج».
وقالت اميتي إنه في حالة التقاعد، وبحكم السن، تتغير طباع الرجل، ويصبح شخصا آخر، يريد ملء الفراغ الذي تسبب له فيه فقدان العمل، فيصبح أكثر انتباها للتفاصيل، ويراقب كل شيء في البيت، كما قد تصدر عنه ردود فعل عدوانية، لأنه يريد استعادة سلطته.
أما الحالة الثانية، فتتعلق بمرض الزوج، واضطراره إلى التزام البيت مدة طويلة، مما يسبب للزوجة ضغطا نفسيا رهيبا.. فبقدر ما تقوم المسكينة بكل ما في وسعها لرعايته، يبدي انزعاجه من كل شيء، نظرا إلى شعوره بالعجز.
وتقول اميتي إن المرأة عموما تشعر أنها «سجينة مع وقف التنفيذ»، لأن وجود الزوج في البيت، سواء بعد انتهاء دوام عمله، أو خلال عطلة نهاية الأسبوع، أو لأي سبب آخر، يفرض عليها أن تبقى إلى جانبه لخدمته، مما يحرمها من حريتها في زيارة الجيران أو الأقارب، أو الخروج للتسوق، أو حتى لمجرد الرغبة في البقاء بمفردها في البيت، متخلصة من «عبئه».
وتؤكد اميتي أن هذا النوع من التصادم بين الأزواج يحدث نتيجة العلاقات التقليدية السائدة بين الطرفين، التي تحكمها العقلية الذكورية، إلا أنه يمكن أن تحل عن طريق التفاهم والتواصل، وتقسيم المهام بينهما، ليتحول حضور الرجل في البيت إلى معطى إيجابي، كأن يساعدها في بعض الأعمال، ويقترح رعاية الأطفال بدلا منها، حتى تحظى بوقت خاص بها .
وفي مقابل ذلك،على الزوجة، كما تقول اميتي، ألا تتصرف بأنانية وتسلط، وأن تستفيد من وجود زوجها في البيت، كفرصة للحوار والتواصل والتخطيط المشترك، بدلا من الرفض والنفور، «فطرده» من بيته إلى المقهى ليس هو الحل في نظرها.(منقول)::
ولا شك أن غياب الزوج عن البيت يتسبب في مشاكل كبيرة، لأن المرأة تشعر أنه يهملها هي وأطفالها، ولا يحرص على مشاعرها أو احتياجات فلذات كبده العاطفية، وملقيا كل المسؤولية عليها وحدها. وهكذا تبدأ سلسلة التذمر واحتجاجات على الأمر.
لكن ماذا لو حصل العكس، وفضل الزوج قضاء أكبر مدة ممكنة في البيت؟ هل تُحَل المشكلة؟.
الجواب جاء على لسان العديد من النساء، يشكلن الغالبية، بالنفي، ليكون رد فعل الرجل أنه من المستحيل إرضاء المرأة، «جلوس» الرجل في البيت مشكلة جدية تعاني منها الكثير من النساء، وتعتبر أمينة واحدة منهن.
أمينة سيدة عمرها أربعون عاما، متزوجة منذ أربع سنوات، ولم ترزق بأطفال، ارتبطت بعزيز ابن الجيران، الذي كانت تعتقد أنها ستبدأ معه حياة جديدة، تعوضها عن الحياة الروتينية التي كانت تعيشها في بيت أهلها، خصوصا أنها لم تحصل على عمل يوفر لها دخلا ماديا، وكانت تحلم بأنها ستقضي أوقاتا ممتعة مع زوجها، تسافر برفقته إلى كل المدن السياحية التي لم تزرها من قبل، وتدخل كل المطاعم المشهورة في المدينة، لكنها فوجئت، وفي الأيام الأولى من الزواج، أنه «بيتوتي» إلى أقصى حد.
في البداية، فسرت أمينة سلوكه بأنه ربما يعود إلى عدم تمتعه بصداقات، ومنت نفسها بأن تقوم هي بهذا الدور، وتدعوه إلى الخروج معها من حين إلى آخر، غير أنه رفض الفكرة، بحجة أنه يأتي متعبا من العمل، وتكرر الرفض في كل مرة، ليشمل حتى فترة الإجازات، التي يقضيها مستغرقا في النوم طوال النهار.
أما سعيدة، فشكواها من زوجها «البيتوتي» لا تتعلق بحرمانها من الخروج من البيت أو السفر، بل لأن وجوده في البيت، في حد ذاته، يضايقها إلى حد «الشعور بالاختناق»، على حد تعبيرها. تقول «أشعر أنه يكتم على أنفاسي، ويراقب كل حركاتي وتصرفاتي.
ليس هذا فحسب، بل لا يكف عن إبداء الملاحظات عن كل كبيرة وصغيرة بمجرد دخوله إلى البيت، بدءا من انتقادات عن نظافة المطبخ والحمام، إلى تصرفات الأطفال.
وللتخلص من زوجها وإخراجه «بالقوة» من البيت، كانت سعيدة تلجأ إلى أحد إخوانها، وترجوه أن يطلب من زوجها مرافقته إلى المقهى، أو إلى أحد المتاجر لمساعدته في اختيار بعض الملابس، أو أي حجة «المهم أن يختفي من أمامي لبعض الوقت».
حسن يعرف مشاعر زوجته وضيقها من مكوثه المستمر والطويل في البيت، إلا أنه يرى الأمور من وجهة نظر أخرى.. فهو يقول إنه يتركها وشأنها، ولا يتدخل بتاتا في أمور البيت، لأنه مقتنع بأن الأدوار مقسمة بين الرجال والنساء سلفا، على حد تعبيره، وبالتالي لا يفهم سبب المشكلة حتى الآن.
ويشرح حسن أن «هروب» معظم الرجال من البيت سببه الزوجة، لأن لديها ميولا للسيطرة، وتعتقد أن البيت فضاء خاص بها، بينما الزوج مجرد ضيف تستقبله متى تشاء، وبالتالي تواجهه بلائحة طويلة من الممنوعات: «لا تمد رجلك على كنبة الصالون، حتى لا تتسخ.. لا تمشِ على البلاط قبل أن يجف.. لا تستعمل المنشفة الفلانية، ولا تلبس هذا النعل.. وغيرها من الأوامر». ويختم كلامه قائلا «فعلا، يصعب إرضاء المرأة، لأنها تركز على عيوب الزوج، وتنسى عيوبها».
أما أحمد ناصر، فقدم تفسيرا معقولا، أو واقعيا، لهذه المشكلة.. فهو يرى أن البيت هو المكان الوحيد الذي تشعر فيه المرأة بالألفة والارتياح، فهو فضاء خاص وعام في نفس الوقت، وغالبية النساء يستقبلن صديقاتهن أو قريباتهن في البيت، بينما الرجال لديهم البديل المتمثل في المقاهي التي يرتادونها لأكثر من مرة في اليوم، وفي أي ساعة شاءوا، وهذا غير متاح للمرأة إلا بشكل محدود جدا.
لهذا السبب تبدي المرأة بعض الضيق، إذا ما أطال الزوج المكوث في البيت. ويضيف ناصر أنه يتفهم هذا الإحساس، ويتعامل معه بتفهم، فمثلا، بمجرد أن تستضيف زوجته إحدى صديقاتها، يغادر المنزل على الفور، من دون أن تحتاج إلى تلميح.
من جهتها، تشير خديجة اميتي، الأخصائية الاجتماعية، إلى حالات أخرى يتسبب فيها مكوث الزوج في البيت إلى مشاكل ومضايقات للزوجة، من بينها تقاعده. ففي هذه الحالة يتغير كليا نمط الحياة الذي كانت تعيشه، لأنها تجد نفسها مجبرة على التعود على ما وصفته بـ «الحضور المكثف للزوج».
وقالت اميتي إنه في حالة التقاعد، وبحكم السن، تتغير طباع الرجل، ويصبح شخصا آخر، يريد ملء الفراغ الذي تسبب له فيه فقدان العمل، فيصبح أكثر انتباها للتفاصيل، ويراقب كل شيء في البيت، كما قد تصدر عنه ردود فعل عدوانية، لأنه يريد استعادة سلطته.
أما الحالة الثانية، فتتعلق بمرض الزوج، واضطراره إلى التزام البيت مدة طويلة، مما يسبب للزوجة ضغطا نفسيا رهيبا.. فبقدر ما تقوم المسكينة بكل ما في وسعها لرعايته، يبدي انزعاجه من كل شيء، نظرا إلى شعوره بالعجز.
وتقول اميتي إن المرأة عموما تشعر أنها «سجينة مع وقف التنفيذ»، لأن وجود الزوج في البيت، سواء بعد انتهاء دوام عمله، أو خلال عطلة نهاية الأسبوع، أو لأي سبب آخر، يفرض عليها أن تبقى إلى جانبه لخدمته، مما يحرمها من حريتها في زيارة الجيران أو الأقارب، أو الخروج للتسوق، أو حتى لمجرد الرغبة في البقاء بمفردها في البيت، متخلصة من «عبئه».
وتؤكد اميتي أن هذا النوع من التصادم بين الأزواج يحدث نتيجة العلاقات التقليدية السائدة بين الطرفين، التي تحكمها العقلية الذكورية، إلا أنه يمكن أن تحل عن طريق التفاهم والتواصل، وتقسيم المهام بينهما، ليتحول حضور الرجل في البيت إلى معطى إيجابي، كأن يساعدها في بعض الأعمال، ويقترح رعاية الأطفال بدلا منها، حتى تحظى بوقت خاص بها .
وفي مقابل ذلك،على الزوجة، كما تقول اميتي، ألا تتصرف بأنانية وتسلط، وأن تستفيد من وجود زوجها في البيت، كفرصة للحوار والتواصل والتخطيط المشترك، بدلا من الرفض والنفور، «فطرده» من بيته إلى المقهى ليس هو الحل في نظرها.(منقول)::